قال «وله المثل الأعلى» فكذلك لما علم الله أن قوما ادعوا مع الله خلقا غيره منكم وممن سلف من إخوانكم قال «فتبارك الله أحسن الخالقين» الذي ادعى المبطلون أنهم يخلقون فسقط ما توهموه.
فإن قالوا أفليس قد قال الله تعالى الذي أحسن كل شيء خلقه فكيف يكون القبيح من خلقه وليس بحسن قيل لهم ليس أحسن من معنى حسن بسبيل وإنما معنى أحسن أنه يحسن ويعلم كيف يخلق كما يقال فلان يحسن الظلم ويحسن السفه ويحسن فعل الخير والجميل أي يعلم كيف يفعل ويعرفه. وليس معنى قولهم يحسن القبيح والسفه أنه يجعل ذلك حسنا فبطل ما قلتم.
فإن قالوا أفليس قد قال الله عز وجل وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا وقال «وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق». والباطل من أفعال العباد ليس بحق.
قيل لهم معنى ذلك أنه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما وهو لا يريد إثابة المتقين الطائعين ولا مجاراة المسيئين المذنبين والكافرين على ما يتوهمه من زعم أنه لا حشر ولا نشر ولا ثواب ولا عقاب. فلذلك قال تعالى «ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار» يعني من إنكارهم الثواب والجزاء والعقاب.