وأما ما يدل على فساد ذلك على قولهم فهو أنه إذا قدر على المتولد بقدرة توجد معه صحت القدرة على الموجود في حال وجوده وذلك باطل عندهم وخرجت هذه الحوادث أيضا عن أن تكون متولدة ولحقت بالمباشرة من الأفعال إذا لم يكن ها هنا دليل يلجىء إلى حاجتها إلى الأسباب مع وجود القدرة عليها. وكما أنه لا تحتاج عندهم في حال وجودها إلى قدرة عليها فكذلك لا تحتاج إلى سبب يولدها ولو لم تحتج إلى الأسباب لصح أن أحرك الجسم وإن لم أفعل سببا لتحريكه ولوجب أن أسكنه إذا لم أحركه وذلك باطل. وإذا كان ذلك كذلك فقد فسد كون القادر منا قادرا على هذه الحوادث بقدرة توجد معها أو قبلها.
فإذا فسد ذلك بطل أن تكون أفعالا للعبد إذا كان لا بد من كونه قادرا على ما هو فعل له. وهذا يبطل ما قالوه بطلانا ظاهرا.
ثم يقال لهم ما الدليل على أن هذه الحوادث أفعال للعباد؟
فإن قالوا الدليل على ذلك أنا نجدها واقعة عند وجود هذه الأسباب وبمقدار قصد العبد إليها وبحسب قدرته عليها وكونها تابعة في الوجود لأسبابها. لأن الإنسان إذا أراد اليسير من إيلام غيره وحركته دفعا يسيرا وضربه ضربا رفيقا. وإذا أراد الكثير من إيلامه وتحريكه ضربة الضرب الشديد فكان عند ذلك الألم الكثير. وإذا قصد إلى ذهاب الحجر في جهة منه دفعه في تلك ولم يدفعه في غيرها وكل هذا يدل على