ثم يقال لهم: إن أردتم بقولكم إن علم القديم سبحانه مخالف له أنه غير له وأنه من جنس والباري سبحانه من جنس غير جنسه كم يقال ذلك في السواد والبياض فذلك محال لقيام الدليل على أن علم الله سبحانه ليس بغير له من حيث لم تجز مفارقته له بزمان أو مكان أو الوجود أو العدم وقد ثبت أن معنى الغيرين وحقيقة وصفهما بذلك أنه ما جاز افتراقهما على أحد هذه الثلاثة الأوجه وكذلك فقد دل الدليل على أن القديم سبحانه وعلمه ليسا بجنسين ولا مختلفين ولا متفقين وإن عنيتم بخلاف القديم سبحانه لعلمه بعد شبهه منه وأنه لا يسد مسده ولا ينوب منابه ولا يستحق من الوصف ما يستحق ولا يجوز عليه من الأوصاف جميع ما يجوز عليه فهذا صحيح في المعنى وإن كانت العبارة ممنوعا منها لا تجوز باتفاق أو سمع أو دليل أوجب ذلك إن قام عليه وليس الكلام في الإطلاقات والعبارات وإنما الكلام في المعاني. لأننا لو لم نعرف لغة أصلا ولم نتكلم بها لصح علمنا بالقضايا العقلية عند التأمل والنظر في الأدلة. والتعلق بذكر الخلاف وإلزام التسمية به عجز وتقصير عن الخوض فيما يجب أن يكون معلوما بالأدلة.
(٢٤٢)