يقال لهم: ما أنكرتم أن يكون معنى إطلاق أهل العربية أن الوصف والصفة واحد أنهما مصدران لا غير ذلك؟ لأن الوزن والوعد والوصف مصادر. تقول وعدت وعدا ووزنت وزنا ووصفت وصفا.
فهو كقولك وعدت عدة ووزنت زنة ووصفت صفة. وكان الأصل: وعدت وعدة ووزنت وزنة ووصفت وصفة كقولك: قعدت قعدة وجلست جلسة ومشيت مشية. فتكسر أوله إذا أردت به هيئة من الجلوس والقعود. وليس ذلك بمنزلة قولك جلست جلسة وقعدت قعدة وركبت ركبة بفتح أوله لأنه إذا فتح أوله كان المراد به مرة واحدة من الفعل وإذا كسر أوله كان المراد به هيئة ذلك الفعل.
وإنما حذفت الواو من قولك: وصفت صفة ووعدت عدة من المصدر لأنها حذفت من الفعل.
وذلك أنهم قالوا وعد يعد ووصف يصف ووزن يزن والأصل يوعد ويوزن ويوصف فحذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة في قولك يوصف. ومن شأنهم إذا غيروا الفعل ضربا من التغيير أن يحملوا المصدر عليه. فلذلك قالوا صفة وعدة وزنة والأصل وعدة ووزنة ووصفة على ما بيناه. فهذا مراد أهل النحو بقولهم إن الوصف والصفة واحد.
ويجوز أيضا أن نقول إن أهل العربية إنما أرادوا بقولهم إن الوصف هو الصفة أن وصف زيد لعمرو بأنه عالم هو صفة زيد الواصف لعمرو.