إني حي قادر منعم متفضل عالم. وذلك القول الذي هو الوصف هو غير صفاته التي هي من أفعاله ومن غير فعله. لأن جميع صفات الإنسان محدثة. وكلامه الذي هو وصفه لنفسه بما وصفها به محدث.
وكل محدثين ليسا بجملة ولا داخلين تحت جملة فهما غيران. وقولنا وصف وكلام. ليس بوصف واقع على كلام الإنسان وشئ من صفاته سوى الكلام. فيستحيل أن يكون الوصف غيرا لتلك الصفة فوجب أن يكون وصف الإنسان غير سائر صفاته التي ليست بوصف. ووجب تفصيل ذلك في وصف القديم سبحانه وصفاته على ما قلناه وبيناه من قبل.
ومما يجب علمه في هذا الباب هو أن يعلم أن الوصف وإن كان غير الصفة التي هي الحركة والعلم والقدرة فإنه أيضا صفة من حيث كان كلاما للمتكلم به ونافيا لسكوته ومحصلا له عند وجوده بخلاف صفة من لا كلام له فهو في هذا الباب جار مجرى الحركة والسواد والبياض من حيث غير حكم الموصوف به وأوجب له حكما لا يجب إلا بوجوده. فهو لذلك صفة للمتكلم به وهو أيضا وصف لغيره ودلالة على وجود شيء به إذا كان قولا صدقا ليس بكذب. فيحب لذلك أن يكون كل وصف صفة من حيث كان قولا وكلاما ومكسبا للمتكلم المخبر به حكما وإن كان مع ذلك وصفا لكونه إخبارا عما يوجد بما هو وصف له ولا يجب أن يكون كل صفة وصفا لأن العلم والقدرة ليسا بوصفين لشيء ولا خبرين عن معنى من المعاني وإن كانا صفتين للعالم والقادر. فكل وصف صفة وليس كل صفة وصفا وهذا جملة القول في الإخبار عن حقيقة الوصف والصفة.