في ذلك صحيحا أن يكون السواد والبياض مشتبهين من حيث كانا خلافين غيرين لأنفسهما وكان وصفهما بذلك متساويا؟ فلا يجدون لذلك مدفعا.
ثم يقال لهم: ولم قلتم أيضا إن الباري سبحانه إذا كان قديما كان قديما لنفسه وكذلك علمه؟ وما أنكرتم أن يكونا قديمين بقدم هو قدم لهما؟ وما أنكرتم أن يكون الباري قديما بقدم والعلم قديما بنفسه؟. وما أنكرتم أيضا أن يكون العلم ليس بقديم ولا بمحدث على قول من قال ذلك من أصحابنا فلا يجدون لذلك مدفعا.
ثم يقال لهم: إن كان ما قلتموه واجبا فما أنكرتم أن يكون الإنسان مثلا لعلمه إذ كانا محدثين لأنفسهما؟ فإن قالوا: ليس المحدث عندنا محدثا لنفسه بل هو محدث لا لنفسه ولا لعلة فلم يجب ما سألتم عنه قيل لهم فما أنكرتم أيضا أن يكون كل قديم وصف بالقدم من صفة وموصوف فإنه قديم لا لنفسه ولا لعلة فلا يجب بذلك تماثل القديمين؟ فإن قالوا: إنما وجب أن يكون القديم قديما لنفسه لأن نفسه لا تعلم إلا قديمة قيل لهم: فقولوا لأجل هذا بعينه إن السواد والبياض شيئان غيران خلافان لونان عرضان لأنفسهما لأنهما لا يعلمان إلا كذلك وقولوا أيضا إن كل واحد منهما واحد لنفسه لأن نفسه لا تعلم إلا واحدة فإن مروا على ذلك قيل لهم: فما أنكرتم من وجوب تماثلهما إذا كانا مشتركين في هذه الأوصاف لأنفسهما؟ ولا محيص لهم من ذلك وإن أبوه