في مشاهداتهم وسائر حواسهم ما يدل على ذلك أو يحس به معرفة ما يحتاج إليه من هذا الباب ولا هو مما يعرف باضطرار. فإن قالوا: إنما أدرك الناس ذلك قديما وعرفوه بالامتحان والتجربة على أجسامهم وأجسام أمثالهم من نسل آدم عليه السلام قيل لهم فهذا مخرج للقديم سبحانه عن الحكمة لأنه قد كان قادرا عندكم وعندنا أن يعرفهم السمومات ويوقفهم على الاغتذاء بما فيه صلاح أجسامهم والأدوية التي عند تناولها تزول أمراضهم وأسقامهم فيغنيهم ذلك عن إتلاف أنفسهم وأمثالهم وذهاب كثير منهم بالامتحان وطول التجربة وليس بحكيم عندكم من قدر أن يوقف أولاده وضعفته ومن يحب مصلحته على تجنب ما فيه هلكته وتناول ما فيه سلامته وبقاء مهجته فلم يفعل وأحالهم على التجربة والامتحان الذي فيه عطب البعض منهم والبوار وهذا ما لا حيلة لهم فيه.
فإن قالوا: إنما أدرك علم ذلك بالامتحان على أجسام غير الناس من الحيوان نحو الذئاب والكلاب وأجناس الطير وغيرهم من الحيوان قيل لهم فالمسألة بحالها لأن إتلاف جميع الحيوان عندكم قبيح فإذا أباحكم الله إتلاف بعضه بالتجربة والمحنة وهو قادر على توقيفكم على ما يغني عن إتلاف الحيوان فقد سفه على أوضاعكم وخرج