عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه...
الآية وعيد من الله أنه من ارتد منكم أنه سيستبدل خيرا منهم.
وأما على قول من قال: عني بذلك الأنصار، فإن تأويله في ذلك نظير تأويل من تأوله أنه عني به أبو بكر وأصحابه.
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، ما روي به الخبر عن رسول الله (ص) أنهم أهل اليمن قوم أبي موسى الأشعري. ولولا الخبر الذي روي في ذلك عن رسول الله (ص) بالخبر الذي روي عنه ما كان القول عندي في ذلك إلا قول من قال: هم أبو بكر وأصحابه وذلك أنه لم يقاتل قوما كانوا أظهروا الاسلام على عهد رسول الله (ص) ثم ارتدوا على أعقابهم كفارا، غير أبي بكر ومن كان معه ممن قاتل أهل الردة معه بعد رسول الله (ص)، ولكنا تركنا القول في ذلك للخبر الذي روي فيه عن رسول الله (ص)، أن كان (ص) معدن البيان عن تأويل ما أنزل الله من وحيه وآي كتابه.
فإن قال لنا قائل: فإن كان القوم الذين ذكر الله أنه سيأتي بهم عند ارتداد من ارتد عن دينه ممن كان قد أسلم على عهد رسول الله (ص)، هم أهل اليمن، فهل كان أهل اليمن أيام قتال أبي بكر أهل الردة أعوان أبي بكر على قتالهم، حتى تستجيز أن توجه تأويل الآية إلى ما وجهت إليه؟ أم لم يكونوا أعوانا له عليهم، فكيف استجزت أن توجه تأويل الآية إلى ذلك، وقد علمت أنه لا خلف لوعد الله؟ قيل له: إن الله تعالى ذكره لم يعد المؤمنين أن يبدلهم بالمرتدين منهم يومئذ خيرا من المرتدين لقتال المرتدين، وإنما أخبر أنه سيأتيهم بخير منهم بدلا منهم، يعد فعل ذلك بهم قريبا غير بعيد، فجاء بهم على عهد عمر، فكان موقعهم من الاسلام وأهله أحسن موقع، وكانوا أعوان أهل الاسلام وأنفع لهم ممن كان ارتد بعد رسول الله (ص) من طعام الاعراب وجفاة أهل البوادي الذين كانوا على أهل الاسلام كلا. لا نفعا واختلفت القراء في قراءة قوله: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فقرأته قراء أهل المدينة: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه بإظهار التضعيف بدالين