سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين قال: يهود المدينة لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه قال: يهود فدك يقولون ليهود المدينة: إن أوتيتم هذا فخذوه.
وقال آخرون: المعنى بذلك قوم من اليهود كان أهل المرأة التي بغت بعثوا بهم يسألون رسول الله (ص) عن الحكم فيها، والباعثون بهم هم القوم الآخرون، وهم أهل المرأة الفاجرة، لم يكونوا أتوا رسول الله (ص). ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قوله: ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون كان بنو إسرائيل أنزل الله عليهم: إذا زنى منكم أحد فارجموه. فلم يزالوا بذلك حتى زنى رجل من خيارهم فلما اجتمعت بنو إسرائيل يرجمونه، قام الخيار والاشراف فمنعوه. ثم زنى رجل من الضعفاء، فاجتمعوا ليرجموه، فاجتمعت الضعفاء فقالوا: لا ترجموه حتى تأتوا بصاحبكم فترجمونهما جميعا فقالت بنو إسرائيل ان هذا الامر قد اشتد علينا فتعالوا فلنصلحه فتركوا الرجم وجعلوا مكانه أربعين جلدة بحبل مقير ويحممونه ويحملونه على حمار ووجهه إلى ذنبه ويسودون وجهه ويطوفون به فكانوا يفعلون ذلك حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم وقدم المدينة فزنت امرأة من أشراف اليهود يقال لها بسرة، فبعث أبوها ناسا من أصحابه إلى النبي (ص)، فقال: سلوه عن الزنا وما نزل إليه فيه فإنا نخاف أن يفضحنا ويخبرنا بما صنعنا، فإن أعطاكم الجلد فخذوه وإن أمركم بالرجم فاحذروه. فأتوا رسول الله (ص) فسألوه، فقال: الرجم. فأنزل الله عز وجل: ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه حين حرفوا الرجم فجعلوه جلدا.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: إن السماعون للكذب، هم السماعون لقوم آخرين. وقد يجوز أن يكون أولئك كانوا من يهود المدينة والمسموع لهم من يهود فدك، ويجوز أن يكونوا كانوا من غيرهم. غير أنه أي ذلك كان، فهو من صفة قوم من يهود سمعوا الكذب على الله في حكم المرأة التي كانت بغت فيهم وهي محصنة، وأن حكمها في التوراة التحميم والجلد، وسألوا رسول الله (ص) عن الحكم اللازم لها، وسمعوا ما يقول فيها قوم المرأة الفاجرة قبل أن يأتوا رسول الله (ص) محتكمين إليه فيها. وإنما سألوا