أبواه على ملة من الملل سوى الاسلام وولد يتيما وهو كذلك، ثم لم يسلما ولا واحد منهما حتى أعتق في كفارة الخطأ. وأما من ولد بين أبوين مسلمين فقد أجمع الجميع من أهل العلم أنه وإن لم يبلغ حد الاختيار والتمييز ولم يدرك الحلم فمحكوم له بحكم أهل الايمان في الموارثة والصلاة عليه إن مات، وما يجب عليه إن جنى، ويجب له إن جني عليه، وفي المناكحة. فإذا كان ذلك من جمعيهم إجماعا، فواجب أن يكون له من الحكم فيما يجزئ فيه من كفاره الخطأ إن أعتق فيها من حكم أهل الايمان مثل الذي له من حكم الايمان في سائر المعاني التي ذكرناها وغيرها. ومن أبى ذلك عكس عليه الامر فيه، ثم سئل الفرق بين ذلك من أصل أو قياس، فلن يقول في شئ من ذلك قولا إلا ألزم في غيره مثله.
وأما الدية المسلمة إلى أهل القتيل فهي المدفوعة إليهم على ما وجب لهم موفرة غير منتقصة حقوق أهلها منها. وذكر عن ابن عباس أنه كان يقول: هي الموفرة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
قال ابن عباس، قوله: * (ودية مسلمة إلى أهله) * قال: موفرة.
وأما قوله: * (إلا أن يصدقوا) * فإنه يعني به: إلا أن يتصدقوا بالدية على القاتل أو على القتال أو على عاقلته، فأدغمت التاء من قوله يتصدقوا في الصاد فصارتا صادا. وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبي: إلا أن يتصدقوا.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا بكر بن الشرود: في حرف أبي: * (إلا أن يتصدقوا.
القول في تأويل قوله: * (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: * (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن) * فإن كان هذا القتيل الذي قتله المؤمن خطأ من قوم عدو لكم، يعني: من عداد قوم أعداء لكم في الدين مشركين، لم يأمنوكم الحرب على خلافكم على الاسلام، وهو مؤمن * (فتحرير رقبة مؤمنة) * يقول: فإذا قتل المسلم خطأ رجلا من عداد المشركين والمقتول مؤمن والقاتل يحسب أنه على كفره، فعليه تحرير رقبة مؤمنة.
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: وإن كان المقتول من قوم هم عدو لكم وهو مؤمن، أي بين أظهركم لم يهاجر، فقتله مؤمن، فلا دية عليه وعليه تحرير رقبة مؤمنة. ذكر من قال ذلك: