القول في تأويل قوله تعالى: * (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما) *.
يعني تعالى ذكره بقوله: * (فمن لم يجد فصيام شهرين متابعين) * فمن لم يجد رقبة مؤمنة يحررها كفارة لخطئه في قتله من قتل من مؤمن أو معاهد لعسرته بثمنها، * (فصيام شهرين متتابعين) * يقول: فعليه صيام شهرين متتابعين.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم فيه بنحو ما قلنا. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: * (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين) * قال: من لم يجد عتقا - أو عتاقة، شك أبو عاصم في قتل مؤمن خطأ، قال: وقال آخرون: صوم الشهرين عن وأنزلت في عياش بن أي ربيعة قتل مؤمنا خطأ الدية والرقبة قالوا: وتأويل الآية: فمن لم يجد رقبة مؤمنة ولا دية يسلمها إلى أهلها فعليه صوم شهرين متتابعين. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: ثنا ابن المبارك، عن زكريا، عن الشعبي، عن مسروق: أنه سئل عن الآية التي في سورة النساء: * (فمن لم يجد فصيام شهرين متابعين) * صيام الشهرين عن الرقبة وحدها، أو عن الدية والرقبة؟ فقال: من لم يجد فهو عن الدية والرقبة.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن زكريا، عن عامر، عن مسروق بنحوه.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن الصوم عن الرقبة دون الدية، لان دية الخطأ على عاقلة القاتل، والكفارة على القاتل بإجماع الحجة على ذلك، نقلا عن نبينا (ص)، فلا يقضي صوم صائم عما لزم غيره في ماله. والمتابعة صوم الشهرين، ولا يقطعه بإفطار بعض أيامه لغير علة حائلة بينه وبين صومه. ثم قال جل ثناؤه: * (توبة من الله وكان الله عليما حكيما) * يعني: تجاوزا من الله لكم إلى التيسير عليه بتخفيفه عنكم ما خفف عنكم من فرض تحرير الرقبة المؤمنة إذا أعسرتم بها بإيجابه عليكم صوم شهرين متتابعين. * (وكان الله عليما حكيما) * يقول: ولم يزل الله عليما بما يصلح عباده فيما يكلفهم من فرائضه وغير ذلك، حكيما بما يقضي فيهم ويريد. القول في تأويل قوله تعالى: *