فاختلف فيهم المسلمون، فقالت طائفة: دماؤهم حلال، وقالت طائفة: دماؤهم حرام، فأنزل الله: * (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا) *.
حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: أخبرنا عبيد بن سلمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: * (فما لكم في المنافقين فئتين) * هم ناس تخلفوا عن نبي الله (ص)، وأقاموا بمكة، وأعلنوا الايمان، ولم يهاجروا. فاختلف فيهم أصحاب رسول الله (ص)، فتولاهم ناس من أصحاب رسول الله (ص)، وتبرأ من ولايتهم آخرون، وقالوا: تخلفوا عن رسول الله (ص) ولم يهاجروا. فسماهم الله منافقين، وبرأ المؤمنين من ولايتهم، وأمرهم أن لا يتولوهم حتى يهاجروا.
وقال آخرون: بل كان اختلافهم في قوم كانوا بالمدينة أرادوا الخروج عنها نفاقا. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا) * قال: كان ناس من المنافقين أرادوا أن يخرجوا من المدينة، فقالوا للمؤمنين: إنا قد أصابنا أوجاع في المدينة واتخمناها، فلعلنا أن نخرج إلى الظهر حتى نتماثل ثم نرجع، فإنا كنا أصحاب برية.
فانطلقوا، واختلف فيهم أصحاب النبي (ص)، فقالت طائفة: أعداء الله المنافقون، وددنا أن رسول الله (ص) أذن لنا فقاتلناهم! وقالت طائفة: لا، بل إخواننا تخمتهم المدينة فاتخموها. فخرجوا إلى الظهر يتنزهون، فإذا برأوا رجعوا. فقال الله: * (فما لكم في المنافقين فئتين) * يقول: ما لكم تكونون فيهم فئتين * (والله أركسهم بما كسبوا) *.
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في اختلاف أصحاب رسول الله (ص) في أمر أهل الإفك. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا) * حتى بلغ: * (فلا تتخذوا منهم أولياء حتى