يعني بذلك جل ثناؤه: ولولا إنعام الله عليكم أيها المؤمنون بفضله وتوفيقه ورحمته، فأنقذكم مما ابتلى هؤلاء المنافقين به، الذين يقولون لرسول الله (ص) إذا أمرهم بأمر: طاعة، فإذا برزوا من عنده بيت طائفة منهم غير الذي تقول، لكنتم مثلهم، فاتبعتم الشيطان إلا قليلا، كما اتبعه الذين وصف صفتهم. وخاطب بقوله تعالى ذكره: * (ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان) * الذين خاطبهم بقوله جل ثناؤه: * (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا) *.
ثم اختلف أهل التأويل في القليل الذي استثناهم في هذه الآية، من هم، ومن أي شئ من الصفات استثناهم؟ فقال بعضهم: هم المستنبطون من أولي الامر، استثناهم من قوله: * (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * ونفي عنهم أن يعلموا بالاستنباط ما يعلم به غيرهم من المستنبطين من الخبر الوارد عليهم من الامن أو الخوف. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: إنما هو لعلمه الذين يستنبطونه منهم، إلا قليلا منهم، ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: * (ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) * يقول:
لاتبعتم الشيطان كلكم. وأما قوله: * (إلا قليلا) * فهو كقوله: * (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * إلا قليلا.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك قراءة عن سعيد، عن قتادة: * (ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) * قال: يقول:
لاتبعتم الشيطان كلكم، وأما * (إلا قليلا) * فهو كقوله: * (لعلمه الذين يستنبطونه منهم...
إلا قليلا) *.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج نحوه، يعني نحو قول قتادة، وقال: لعلموه إلا قليلا.
وقال آخرون: بل هم الطائفة الذين وصفهم الله أنهم يقولون لرسول الله (ص) طاعة،