وإن كان فيهن نزل، فلم ينزل في إباحة وطئهن بالسباء خاصة دون غيره من المعاني التي ذكرنا، مع أن الآية تنزل في معنى فتعم ما نزلت به فيه وغيره، فيلزم حكمها جميع ما عمته لما قد بينا من القول في العموم والخصوص في كتابنا كتاب البيان عن أصول الاحكام.
القول في تأويل قوله تعالى: * (كتاب الله عليكم) *.
يعني تعالى ذكره: كتابا من الله عليكم. فأخرج الكتاب مصدرا من غير لفظه.
وإنما جاز ذلك لان قوله تعالى: * (حرمت عليكم أمهاتكم) *... إلى قوله: * (كتاب الله عليكم) * بمعنى: كتب الله تحريم ما حرم من ذلك وتحليل ما حلل من ذلك عليكم كتابا.
وبما قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: * (كتاب الله عليكم) * قال: ما حرم عليكم.
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، قال: سألت عطاء عنها فقال: * (كتاب الله عليكم) * قال: هو الذي كتب عليكم الأربع أن لا تزيدوا.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، قال: قلت لعبيدة: * (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم) * وأشار ابن عون بأصابعه الأربع.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا هشام، عن ابن سيرين، قال: سألت عبيدة، عن قوله: * (كتاب الله عليكم) * قال: أربع.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (كتاب الله عليكم) *: الأربع.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
* (كتاب الله عليكم) * قال: هذا أمر الله عليكم، قال: يريد ما حرم عليهم من هؤلاء وما أحل لهم. وقرأ: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم) *... إلى آخر الآية. قال: كتاب الله عليكم الذي كتبه، وأمره الذي أمركم به. * (كتاب الله عليكم) *: أمر الله.