يجعل (ص) عتق عائشة إياها طلاقا. ولو كان عتقها وزوال ملك عائشة إياها لها طلاقا لم يكن لتخيير النبي (ص) إياها بين المقام مع زوجها والفراق معنى، ولوجب بالعتق الفراق، وبزوال ملك عائشة عنها الطلاق، فلما خيرها النبي (ص) بين الذي ذكرنا وبين المقام مع زوجها والفراق كان معلوما أنه لم يخير بين ذلك إلا والنكاح عقده ثابت، كما كان قبل زوال ملك عائشة عنها، فكان نظيرا للعتق الذي هو زوال ملك مالك المملوكة ذات الزوج عنها البيع الذي هو زوال ملك مالكها عنها، إذ كان أحدهما زوالا ببيع والآخر بعتق في أن الفرقة لا يجب بها بينها وبين زوجها بهما ولا بواحد منهما طلاق وإن اختلفا في معان أخر، من أن لها في العتق الخيار في المقام مع زوجها والفراق، لعلة مفارقة معنى البيع، وليس ذلك لها في البيع.
فإن قال قائل: وكيف يكون معنيا بالاستثناء من قوله: * (والمحصنات من النساء) * ما وراء الأربع من الخمس إلى ما فوقهن بالنكاح والمنكوحات به غير مملوكات؟ قيل له: إن الله تعالى لم يخص بقوله: * (إلا ما ملكت أيمانكم) * المملوكات الرقاب دون المملوك عليها بعقد النكاح أمرها، بل عم بقوله: * (إلا ما ملكت أيمانكم) * كلا المعنيين، أعني ملك الرقبة وملك الاستمتاع بالنكاح، لان جميع ذلك ملكته أيماننا، أما هذه فملك استمتاع، وأما هذه فملك استخدام واستمتاع وتصريف فيما أبيح لمالكها منها. ومن ادعى أن الله تبارك وتعالى عني بقوله: * (والمحصنات من النساء) * محصنة وغير محصنة، سوى من ذكرنا أولا بالاستثناء بقوله: * (إلا ما ملكت أيمانكم) * بعض أملاك أيماننا دون بعض، غير الذي دللنا على أنه غير معني به، سئل البرهان على دعواه من أصل أو نظير، فلن يقول في ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله. فإن اعتل معتل منهم بحديث أبي سعيد الخدري أن هذه الآية نزلت في سبايا أوطاس، قيل له: إن سبايا أوطاس لم يوطأن بالملك والسباء دون الاسلام، وذلك أنهن كن مشركات من عبدة الأوثان، وقد قامت الحجة بأن نساء عبدة الأوثان لا يحللن بالملك دون الاسلام، وأنهن إذا أسلمن فرق الاسلام بينهن وبين الأزواج، سبايا كن أو مهاجرات، غير أنهن إذا كن سبايا حللن إذا هن أسلمن بالاستبراء. فلا حجة لمحتج في أن المحصنات اللاتي عناهن بقوله: * (والمحصنات من النساء) * ذوات الأزواج من السبايا دون غيرهن بخبر أبي سعيد الخدري أن ذلك نزل في سبايا أوطاس، لأنه