عن هذه الآية: * (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون) * قال: هم اليهود والنصارى والمجوس، أصابوا ذنوبا في كفرهم فأرادوا أن يتوبوا منها، ولن يتوبوا من الكفر، ألا ترى أنه يقول: * (وأولئك هم الضالون) *؟
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن داود، عن أبي العالية في قوله: * (لن تقبل توبتهم) * قال: تابوا من بعض، ولم يتوبوا من الأصل.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية، قوله: * (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا) * قال: هم اليهود والنصارى يصيبون الذنوب فيقولون نتوب وهم مشركون، قال الله عز وجل: لن تقبل التوبة في الضلالة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن الذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم، ثم ازدادوا كفرا، يعني بزيادتهم الكفر: بما هم عليه حتى هلكوا وهم عليه مقيمون، لن تقبل توبتهم:
لن تنفعهم توبتهم الأولى، وإيمانهم لكفرهم الآخر وموتهم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة، قوله: * (ثم ازدادوا كفرا) * قال: تموا على كفرهم. قال ابن جريج: * (لن تقبل توبتهم) * يقول: إيمانهم أول مرة لن ينفعهم.
وقال آخرون: معنى قوله: * (ثم ازدادوا كفرا) * ماتوا كفارا، فكان ذلك هو زيادتهم من كفرهم. وقالوا: معنى * (لن تقبل توبتهم) *: لن تقبل توبتهم عند موتهم ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون) * أما ازدادوا كفرا:
فماتوا وهم كفار، وأما لن تقبل توبتهم: فعند موته إذا تاب لم تقبل توبته.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل هذه الآية قول من قال: عنى بها اليهود، وأن يكون تأويله: إن الذين كفروا من اليهود بمحمد (ص) عند مبعثه بعد إيمانهم به قبل مبعثه، ثم ازدادوا كفرا بما أصابوا من الذنوب في كفرهم ومقامهم على ضلالتهم، لن تقبل توبتهم من ذنوبهم التي أصابوها في كفرهم، حتى يتوبوا من كفرهم بمحمد (ص)، ويراجعوا التوبة منه بتصديق ما جاء به من عند الله.