النساء ما لم تماسوهن وقد فرضتم لهن فريضة، فلهن نصف ما كنتم فرضتم لهن من قبل طلاقكم إياهن، يعني بذلك: فلهن عليكم نصف ما أصدقتموهن.
وإنما قلنا: إن تأويل ذلك كذلك لما قد قدمنا البيان عنه من أن قوله: (أو تفرضوا لهن فريضة) بيان من الله تعالى ذكره لعباده حكم غير المفروض لهن إذا طلقهن قبل المسيس، فكان معلوما بذلك أن حكم اللواتي عطف عليهن بأو غير حكم المعطوف بهن بها.
وإنما كرر تعالى ذكره قوله: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة) وقد مضى ذكرهن في قوله: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) ليزول الشك عن سامعيه واللبس عليهم من أن يظنوا أن التي حكمها الحكم الذي وصفه في هذه الآية هي غير التي ابتدأ بذكرها وذكر حكمها في الآية التي قبلها.
وأما قوله: (إلا أن يعفون) فإنه يعني: إلا أن يعفو اللواتي وجب لهن عليكم نصف تلك الفريضة فيتركه لكم، ويصفحن لكم عنه، تفضلا منهن بذلك عليكم، إن كن ممن يجوز حكمه في ماله، وهن بوالغ رشيدات، فيجوز عفوهن حينئذ عما عفون عنكم من ذلك، فيسقط عنكم ما كن عفون لكم عنه منه. وذلك النصف الذي كان وجب لهن من الفريضة بعد الطلاق وقبل العفو إن عفت عنه، أو ما عفت عنه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
4126 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) فهذا الرجل يتزوج المرأة وقد سمى لها صداقا، ثم يطلقها من قبل أن يمسها، فلها نصف صداقها، ليس لها أكثر من ذلك.
4127 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) قال: إن طلق الرجل امرأته وقد فرض لها فنصف ما فرض، إلا أن يعفون.
* - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.