قدره وقدر نصف صداق مثلها ما يبين عن صحة ما قلنا وفساد ما خالفه. وذلك أن المرأة قد يكون صداق مثلها المال العظيم، والرجل في حال طلاقه إياها مقتر لا يملك شيئا، فإن قضي عليه بقدر نصف صداق مثلها ألزم ما يعجز عنه بعض من قد وسع عليه، فكيف المقدور عليه (1)؟ وإذا فعل ذلك به، كان الحاكم بذلك عليه قد تعدى حكم قول الله تعالى ذكره: (على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) ولكن ذلك على قدر عسر الرجل ويسره، لا يجاوز بذلك خادم أو قيمتها، إن كان الزوج موسعا، وإن كان مقترا فأطاق أدنى ما يكون كسوة لها، وذلك ثلاثة أثواب ونحو ذلك، قضي عليه بذلك وإن كان عاجزا عن ذلك فعلى قدر طاقته، وذلك على قدر اجتهاد الإمام العادل عند الخصومة إليه فيه.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (ومتعوهن) هل هو على الوجوب، أو على الندب؟ فقال بعضهم: هو على الوجوب يقضى بالمتعة في مال المطلق، كما يقضى عليه بسائر الديون الواجبة عليه لغيره وقالوا: ذلك واجب عليه لكل مطلقة كائنة من كانت من نسائه. ذكر من قال ذلك:
4098 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: كان الحسن وأبو العالية يقولان: لكل مطلقة متاع، دخل بها أو لم يدخل بها وإن كان قد فرض لها.
4099 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن يونس أن الحسن كان يقول: لكل مطلقة متاع، وللتي طلقها قبل أن يدخل بها ولم يفرض لها.
4100 - حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا أيوب، عن سعيد بن جبير في هذه الآية: (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين) (2) قال: لكل مطلقة متاع بالمعروف حقا على المتقين.
* - حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أيوب، قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: لكل مطلقة متاع.
4101 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: كان أبو العالية يقول: لكل مطلقة متعة، وكان الحسن يقول: لكل مطلقة متعة.