من إعطائكم لهن ذلك بغير ظلم، ولا مدافعة منكم لهن به. ويعني بقوله: (حقا على المحسنين): متاعا بالمعروف الحق على المحسنين فلما دل إدخال الألف واللام على الحق، وهو من نعت المعروف، والمعروف معرفة، والحق نكرة، نصب على القطع منه، كما يقال: أتاني الرجل راكبا. وجائز أن يكون نصب على المصدر من جملة الكلام الذي قبله، كقول القائل: عبد الله عالم حقا، فالحق منصوب من نية كلام المخبر كأنه قال: أخبركم بذلك حقا.
والتأويل الأول هو وجه الكلام، لان معنى الكلام: فمتعوهن متاعا بمعروف حق على كل من كان منكم محسنا.
وقد زعم بعضهم أن ذلك منصوب بمعنى أحق ذلك حقا، والذي قاله من ذلك بخلاف ما دل عليه ظاهر التلاوة، لان الله تعالى ذكره جعل المتاع للمطلقات حقا لهن على أزواجهن، فزعم قائل هذا القول أن معنى ذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن نفسه أنه يحق أن ذلك على المحسنين.
فتأويل الكلام إذا: إذ كان الامر كذلك: ومتعوهن على الموسع قدره، وعلى المقتر قدره، متاعا بالمعروف الواجب على المحسنين.
ويعني بقوله: (المحسنين) الذين يحسنون إلى أنفسهن في المسارعة إلى طاعة الله فيما ألزمهم به، وأدائهم ما كلفهم من فرائضه.
فإن قال قائل: إنك قد ذكرت أن الجناح هو الحرج، وقد قال الله تعالى ذكره: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) فهل علينا من جناح لو طلقناهن بعد المسيس (1)، فيوضع عنا بطلاقنا إياهن قبل المسيس؟ قيل: قد ريي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات) (2).
4124 - حدثنا بذلك ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.