شريح يقول في متاع المطلقة: لا تأب أن تكون من المحسنين، لا تأب أن تكون من المتقين.
4114 - حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق أن شريحا قال للذي قد دخل بها: إن كنت من المتقين فمتع.
قال أبو جعفر: وكأن قائلي هذا القول ذهبوا في تركهم إيجاب المتعة فرضا للمطلقات إلى أن قول الله تعالى ذكره: (حقا على المحسنين) وقوله: (حقا على المتقين) (1) دلالة على أنها لو كانت واجبة وجوب الحقوق اللازمة الأموال بكل حال لم يخصص المتقون والمحسنون بأنها حق عليهم دون غيرهم، بل كان يكون ذلك معموما به كل أحد من الناس. وأما موجبوها على كل أحد سوى المطلقة المفروض لها الصداق، فإنهم اعتلوا بأن الله تعالى ذكره لما قال: (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين) (1) كان دليلا على أن لك مطلقة متاعا سوى من استثناه الله تعالى ذكره في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فلما قال: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) كان في ذلك دليل عندهم على أن حقها النصف مما فرض لها، لان المتعة جعلها الله في الآية التي قبلها عندهم لغير المفروض لها، فكان معلوما عندهم بخصوص الله بالمتعة غير المفروض لها أن حكمها غير حكم التي لم يفرض لها إذا طلقها قبل المسيس (2) فيما لها على الزوج من الحقوق.
والذي هو أولى بالصواب من القول في ذلك عندي قول من قال: لكل مطلقة متعة، لان الله تعالى ذكره قال: (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين) (1) فجعل الله تعالى ذكره ذلك لكل مطلقة ولم يخصص منهن بعضا دون بعض، فليس لأحد إحالة ظاهر تنزيل عام إلى باطن خاص إلا بحجة يجب التسليم لها.
فإن قال قائل: فإن الله تعالى ذكره قد خص المطلقة قبل المسيس إذا كان مفروضا لها بقوله: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) إذ لم يجعل لها غير نصف الفريضة؟ قيل: إن الله تعالى ذكره إذا دل على وجوب شئ في بعض تنزيله، ففي دلالته على وجوبه في الموضع الذي دل عليه الكفاية عن تكريره، حتى يدل على بطول فرضه، وقد دل بقوله: (وللمطلقات متاع بالمعروف) (1) على وجوب