بذلك الاخبار عن الوقت الذي كان فيه المخبر عنه، فجاز أن ينطق بالحولين واليومين على ما وصفت قبل، لان معنى الكلام في ذلك: فعلته إذ ذاك، وفي ذلك الوقت. فكذلك قوله:
والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لما كان الرضاع في الحولين وليسا بالحولين، فكان الكلام لو أطلق في ذلك بغير تضمين الحولين بالكمال، وقيل:
والوالدات يرضعن أولادهن حولين محتملا أن يكون معنيا به حول وبعض آخر نفي اللبس عن سامعيه بقوله: كاملين أن يكون مرادا به حول وبعض آخر، وأبين بقوله:
كاملين عن وقت تمام حد الرضاع، وأنه تمام الحولين بانقضائهما دون انقضاء أحدهما وبعض الآخر.
ثم اختلف أهل التأويل في الذي دلت عليه هذه الآية من مبلغ غاية رضاع المولودين، أهو حد لكل مولود، أو هو حد لبعض دون بعض؟ فقال بعضهم: هو حد لبعض دون بعض. ذكر من قال ذلك:
3908 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود عن عكرمة، عن ابن عباس في التي تضع لستة أشهر: أنها ترضع حولين كاملين، وإذا وضعت لسبعة أشهر أرضعت ثلاثة وعشرين لتمام ثلاثين شهرا، وإذا وضعت لتسعة أشهر أرضعت واحدا وعشرين شهرا.
3909 - حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرمة بمثله، ولم يرفعه إلى ابن عباس.
3910 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي عبيدة قال: رفع إلى عثمان امرأة ولدت لستة أشهر، فقال: إنها رفعت لا أراها إلا قد جاءت بشر أو نحو هذا ولدت لستة أشهر، فقال ابن عباس: إذا أتمت الرضاع كان الحمل لستة أشهر. قال: وتلا ابن عباس: وحمله وفصاله ثلاثون شهرا، فإذا أتمت الرضاع كان الحمل لستة أشهر. فخلى عثمان سبيلها.
وقال آخرون: بل ذلك حد رضاع كل مولود اختلف والداه في رضاعه، فأراد أحدهما البلوغ إليه، والآخر التقصير عنه. ذكر من قال ذلك: