بعضهم: هو فعل الخير كله. وقال آخرون: هو البر بذي رحمه، وقد ذكرت قائلي ذلك فيما مضى.
وأولى ذلك بالصواب قول من قال: عنى به فعل الخير كله، وذلك أن أفعال الخير كلها من البر. ولم يخصص الله في قوله أن تبروا معنى دون معنى من معاني البر، فهو على عمومه، والبر بذوي القرابة أحد معاني البر.
وأما قوله: وتتقوا فإن معناه: أن تتقوا ربكم فتحذروه وتحذروا عقابه في فرائضه وحدوده أن تضيعوها أو تتعدوها، وقد ذكرنا تأويل من تأول ذلك أنه بمعنى التقوى قبل.
وقال آخرون في تأويله بما:
3498 - حدثني به محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: أن تبروا وتتقوا قال: كان الرجل يحلف على الشئ من البر والتقوى لا يفعله، فنهى الله عز وجل عن ذلك، فقال: ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس الآية، قال: ويقال: لا يتق بعضكم بعضا بي، تحلفون بي وأنتم كاذبون ليصدقكم الناس وتصلحون بينهم، فذلك قوله: أن تبروا وتتقوا... الآية.
وأما قوله: وتصلحوا بين الناس فهو الاصلاح بينهم بالمعروف فيما لا مأثم فيه، وفيما يحبه الله دون ما يكرهه.
وأما الذي ذكرنا عن السدي من أن هذه الآية نزلت قبل نزول كفارات الايمان، فقول لا دلالة عليه من كتاب ولا سنة، والخبر عما كان لا تدرك صحته إلا بخبر صادق، وإلا كان دعوى لا يتعذر مثلها وخلافها على أحد. وغير محال أن تكون هذه الآية نزلت بعد بيان كفارات الايمان في سورة المائدة، واكتفي بذكرها هناك عن إعادتها ههنا، إذ كان المخاطبون بهذه الآية قد علموا الواجب من الكفارات في الايمان التي يحنث فيها الحالف.
القول في تأويل قوله تعالى: والله سميع عليم.
يعني تعالى ذكره بذلك: والله سميع لما يقوله الحالف منكم بالله إذا حلف، فقال:
والله لا أبر، ولا أتقي، ولا أصلح بين الناس، ولغير ذلك من قيلكم وأيمانكم، عليم بما تقصدون وتبتغون بحلفكم ذلك، الخير تريدون أم غيره، لأني علام الغيوب وما تضمره الصدور، لا تخفى علي خافية، ولا ينكتم عني أمر علن، فظهر أو خفي فبطن، وهذا من الله