كان ذلك هو الجواب، فمعلوم أن معنى قول الله تعالى ذكره: فأتوا حرثكم أنى شئتم إنما هو: فأتوا حرثكم من حيث شئتم من وجوه المأتي، وأن ما عدا ذلك من التأويلات فليس للآية بتأويل. وإذ كان ذلك هو الصحيح، فبين خطأ قول من زعم أن قوله: فأتوا حرثكم أنى شئتم دليل على إباحة إتيان النساء في الادبار، لان الدبر لا يحترث فيه، وإنما قال تعالى ذكره: حرث لكم فأتوا الحرث من أي وجوهه شئتم، وأي محترث في الدبر فيقال ائته من وجهه. وتبين بما بينا صحة معنى ما روي عن جابر وابن عباس من أن هذه الآية نزلت فيما كانت اليهود تقوله للمسلمين إذا أتى الرجل المرأة من دبرها في قبلها جاء الولد أحول.
القول في تأويل قوله تعالى: وقدموا لأنفسكم.
اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: قدموا لأنفسكم الخير. ذكر من قال ذلك:
3479 - حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، أما قوله:
وقدموا لأنفسكم فالخير.
وقال آخرون: بل معنى ذلك وقدموا لأنفسكم ذكر الله عند الجماع وإتيان الحرث قبل إتيانه ذكر من قال ذلك:
3480 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني محمد بن كثير، عن عبد الله بن واقد، عن عطاء، قال: أراه عن ابن عباس: وقدموا لأنفسكم قال: التسمية عند الجماع يقول بسم الله.
والذي هو أولى بتأويل الآية، ما روينا عن السدي، وهو أن قوله: وقدموا لأنفسكم أمر من الله تعالى ذكره عباده بتقديم الخير، والصالح من الأعمال ليوم معادهم إلى ربهم، عدة منهم ذلك لأنفسهم عند لقائه في موقف الحساب، فإنه قال تعالى ذكره:
وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية، لان الله تعالى ذكره عقب قوله: وقدموا لأنفسكم بالأمر باتقائه في ركوب معاصيه، فكان الذي هو أولى بأن يكون الذي قبل التهديد على المعصية عاما الامر بالطاعة عاما.
فإن قال لنا قائل: وما وجه الامر بالطاعة بقوله: وقدموا لأنفسكم من قوله: