أتى فلان زوجته من قبل فرجها، ولا يقال: أتاها من فرجها إلا أن يكون أتاها من قبل فرجها في مكان غير الفرج.
فإن قال لنا قائل: فإن ذلك وإن كان كذلك، فليس معنى الكلام: فأتوهن في فروجهن، وإنما معناه، فأتوهن من قبل قبلهن في فروجهن، كما يقال: أتيت هذا الامر من مأتاه. قيل له: إن كان ذلك كذلك، فلا شك أن مأتي الامر ووجهه غيره، وأن ذلك مطلبه.
فإن كان ذلك على ما زعمتم، فقد يجب أن يكون معنى قوله: فأتوهن من حيث أمركم الله غير الذي زعمتم أنه معناه بقولكم: ائتوهن من قبل مخرج الدم ومن حيث أمرتم باعتزالهن، ولكن الواجب أن يكون تأويله على ذلك: فأتوهن من قبل وجوههن في أقبالهن، كما كان قول القائل ائت الامر من مأتاه إنما معناه: اطلبه من مطلبه، ومطلب الامر غير الامر المطلوب، فكذلك يجب أن مأتي الفرج الذي أمر الله في قولهم بإتيانه غير الفرج. وإذا كان كذلك وكان معنى الكلام عندهم: فأتوهن من قبل وجوههن في فروجهن، وجب أن يكون على قولهم محرما إتيانهن في فروجهن من قبل أدبارهن، وذلك إن قالوه خرج من قاله من قيل أهل الاسلام، وخالف نص كتاب الله تعالى ذكره وقول رسول الله (ص) وذلك أن الله يقول: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وأذن رسول الله (ص) في إتيانهن في فروجهن من قبل أدبارهن.
فقد تبين إذا إذ كان الامر على ما وصفنا فساد تأويل من قال ذلك: فأتوهن في فروجهن حيث نهيتكم عن إتيانهن في حال حيضهن، وصحة القول الذي قلناه، وهو أن معناه: فأتوهن في فروجهن من الوجه الذي أذن الله لكم بإتيانهن، القول في تأويل قوله تعالى: إن وذلك حال طهرهن وتطهرهن دون حال حيضهن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين.
يعني تعالى ذكره بقوله: إن الله يحب التوابين المنيبين من الادبار عن الله وعن طاعته إليه وإلى طاعته وقد بينا معنى التوبة قبل.
واختلف في معنى قوله: ويحب المتطهرين فقال بعضهم: هم المتطهرون بالماء. ذكر من قال ذلك: