فأتوهن. وإن كان ذلك معناه، فقد ينبغي أن يكون متى انقطع عنها الدم فجائز لزوجها جماعها إذا لم تكن هنالك نجاسة ظاهرة، هذا إن كان قوله: فإذا تطهرن جائزا استعماله في التطهر من النجاسة، ولا أعلمه جائزا إلا على استكراه الكلام أو يكون معناه: فإذا تطهرن للصلاة في إجماع الجميع من الحجة على أنه غير جائز لزوجها غشيانها بانقطاع دم حيضها، إذا لم يكن هنالك نجاسة دون التطهر بالماء إذا كانت واجدته أدل الدليل على أن معناه: فإذا تطهرن الطهر الذي يجزيهن به الصلاة. وفي إجماع الجميع من الأمة على أن الصلاة لا تحل لها إلا بالاغتسال أوضح الدلالة على صحة ما قلنا من أن غشيانها حرام إلا بعد الاغتسال، وأن معنى قوله: فإذا تطهرن فإذا اغتسلن فصرن طواهر الطهر الذي يجزيهن به الصلاة.
القول في تأويل قوله تعالى: فأتوهن من حيث أمركم الله.
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: فأتوهن من حيث أمركم الله فقال بعضهم:
معنى ذلك: فأتوا نساءكم إذا تطهرن من الوجه الذي نهيتكم عن إتيانهن منه في حال حيضهن، وذلك الفرج الذي أمر الله بترك جماعهن فيه في حال الحيض. ذكر من قال ذلك:
3427 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني أبان بن صالح، عن مجاهد، قال: قال ابن عباس في قوله: فأتوهن من حيث أمركم الله قال: من حيث أمركم أن تعتزلوهن.
3428 - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: فأتوهن من حيث أمركم الله يقول: في الفرج لا تعدوه إلى غيره، فمن فعل شيئا من ذلك فقد اعتدى.
3429 - حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا خالد الحذاء، عن عكرمة في قوله: فأتوهن من حيث أمركم الله قال: من حيث أمركم أن تعتزلوا.
3430 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا أبو صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير أنه قال: بينا أنا ومجاهد جالسان عند ابن عباس أتاه رجل فوقف على رأسه، فقال: يا أبا العباس أو يا أبا الفضل ألا تشفيني عن آية المحيض؟ قال:
بلى فقرأ: ويسألونك عن المحيض حتى بلغ آخر الآية، فقال ابن عباس: من حيث جاء الدم، ثم أمرت أن تأتي.