ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) * اختلف أهل التأويل في معنى الأمة في هذا الموضع، وفي الناس الذين وصفهم الله بأنهم كانوا أمة واحدة فقال بعضهم: هم الذين كانوا بين آدم ونوح، وهم عشرة قرون، كلهم كانوا على شريعة من الحق، فاختلفوا بعد ذلك. ذكر من قال ذلك:
3219 - حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا همام بن منبه، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين. قال: وكذلك هي في قراءة عبد الله كان الناس أمة واحدة فاختلفوا.
3220 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: كان الناس أمة واحدة قال: كانوا على الهدى جميعا، فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين فكان أول نبي بعث نوح.
فتأويل الأمة على هذا القول الذي ذكرناه عن ابن عباس الدين، كما قال النابغة الذبياني:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة * وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع يعني ذا الدين. فكان تأويل الآية على معنى قول هؤلاء: كان الناس أمة مجتمعة على ملة واحدة ودين واحد، فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين.
وأصل الأمة الجماعة، تجتمع على دين واحد، ثم يكتفى بالخبر عن الأمة من الخبر عن الدين لدلالتها عليه كما قال جل ثناؤه: ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة يراد به أهل دين واحد وملة واحدة. فوجه ابن عباس في تأويله قوله: كان الناس أمة واحدة إلى أن الناس كانوا أهل دين واحد حتى اختلفوا.