لان ذلك لو كان مالا واحدا لم يكن لتكريره معنى مفهوم. قالوا: فلما كان غير جائز أن يقول تعالى ذكره قولا لا معنى له، علمنا أن حكم المال الأول غير الزكاة، وأن الزكاة التي ذكرها بعد غيره. قالوا: وبعد فقد أبان تأويل أهل التأويل صحة ما قلنا في ذلك.
وقال آخرون: بل المال الأول هو الزكاة، ولكن الله وصف إيتاء المؤمنين من آتوه ذلك في أول الآية، فعرف عباده بوصفه ما وصف من أمرهم المواضع التي يجب عليهم أن يضعوا فيها زكواتهم ثم دلهم بقوله بعد ذلك: وآتى الزكاة أن المال الذي آتاه القوم هو الزكاة المفروضة كانت عليهم، إذ كان أهل سهمانها الذين أخبر في أول الآية أن القوم آتوهم أموالهم.
وأما قوله: والموفون بعهدهم إذا عاهدوا فإنه يعني تعالى ذكره: والذين لا ينقضون عهد الله بعد المعاهدة، ولكن يوفون به ويتمونه على ما عاهدوا عليه من عاهدوه عليه. كما:
2094 - حدثت عن عمار بن الحسن، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس في قوله: والموفون بعهدهم إذا عاهدوا قال: فمن أعطى عهد الله ثم نقضه فالله ينتقم منه، ومن أعطى ذمة النبي (ص) ثم غدر بها فالنبي (ص) خصمه يوم القيامة.
وقد بينت العهد فيما مضى بما أغنى عن إعادته ههنا.
القول في تأويل قوله تعالى: والصابرين في البأساء والضراء.
قد بينا تأويل الصبر فيما مضى قبل. فمعنى الكلام: والمانعين أنفسهم في البأساء والضراء وحين البأس مما يكرهه الله لهم الحابسيها على ما أمرهم به من طاعته.
ثم قال أهل التأويل في معنى البأساء والضراء بما:
2095 - حدثني به الحسين بن عمرو بن محمد العبقري، قال: حدثني أبي، وحدثني موسى، قال: ثنا عمرو بن حماد، قالا جميعا: ثنا أسباط، عن السدي، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود أنه قال: أما البأساء فالفقر، وأما الضراء فالسقم.