وقد قالوا في الصفة أفعل ولم يجئ له فعلاء، فقالوا: أنت من ذلك أوجل، ولم يقولوا وجلاء. وقال بعضهم: هو اسم للفعل، فإن البأساء البؤس، والضراء الضر، وهو اسم يقع إن شئت لمؤنث وإن شئت لمذكر، كما قال زهير:
فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم * كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم يعني فتنتج لكم غلمان شؤم.
وقال بعضهم: لو كان ذلك اسما يجوز صرفه إلى مذكر ومؤنث لجاز إجراء أفعل في النكرة، ولكنه اسم قام مقام المصدر والدليل على ذلك قولهم: لئن طلبت نصرتهم لتجدنهم غير أبعد بغير إجراء وقال: إنما كان اسما للمصدر لأنه إذا ذكر علم أنه يراد به المصدر. وقال غيره: لو كان ذلك مصدرا فوقع بتأنيث لم يقع بتذكير، ولو وقع بتذكير لم يقع بتأنيث لان من سمي بأفعل لم يصرف إلى فعلى، ومن سمي بفعلي لم يصرف إلى أفعل، لان كل اسم يبقى بهيئته لا يصرف إلى غيره، ولكنهما لغتان، فإذا وقع بالتذكير كان بأمر أشأم، وإذا وقع البأساء والضراء، وقع الخلة البأساء والخلة الضراء، وإن كان لم يبن على الضراء الأضر ولا على الأشأم الشأماء، لأنه لم يرد من تأنيثه التذكير ولا من تذكيره التأنيث، كما قالوا: امرأة حسناء، ولم يقولوا: رجل أحسن، وقالوا: رجل أمرد، ولم يقولوا: امرأة مرداء فإذا قيل الخصلة الضراء والامر الأشأم دل على المصدر، ولم يحتج إلى أن يكون اسما، وإن كان قد كفى من المصدر. وهذا قول مخالف تأويل من ذكرنا تأويله من أهل العلم في تأويل البأساء والضراء وإن كان صحيحا على مذهب العربية وذلك أن أهل التأويل تأولوا البأساء بمعنى البؤس، والضراء بمعنى الضر في الجسد، وذلك من تأويلهم مبني على أنهم وجهوا البأساء والضراء إلى أسماء الأفعال دون صفات الأسماء ونعوتها. فالذي هو أولى بالبأساء والضراء على قول أهل التأويل أن تكون البأساء والضراء