فرضا لا يجوز لنا تركه لم يكن لقوله: فمن عفي له من أخيه شئ معنى مفهوم، لأنه لا عفو بعد القصاص فيقال: فمن عفي له من أخيه شئ.
وقد قيل: إن معنى القصاص في هذه الآية مقاصة ديات بعض القتلى بديات بعض وذلك أن الآية عندهم نزلت في حزبين تحاربوا على عهد رسول الله (ص) فقتل بعضهم بعضا، فأمر النبي (ص) أن يصلح بينهم، بأن تسقط ديات نساء أحد الحزبين بديات نساء الآخرين، وديات رجالهم بديات رجالهم، وديات عبيدهم بديات عبيدهم قصاصا، فذلك عندهم معنى القصاص في هذه الآية.
فإن قال قائل: فإنه تعالى ذكره قال: كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فما لنا أن نقتص للحر إلا من الحر، ولا للأنثى إلا من الأنثى؟ قيل: بل لنا أن نقتص للحر من العبد وللأنثى من الذكر، بقول الله تعالى ذكره:
ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا وبالنقل المستفيض عن رسول الله (ص) أنه قال: المسلمون تتكافأ دماؤهم.
فإن قال: فإذ كان ذلك، فما وجه تأويل هذه الآية؟ قيل: اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: نزلت هذه الآية في قوم كانوا إذا قتل الرجل منهم عبد قوم آخرين لم يرضوا من قتيلهم بدم قاتله من أجل أنه عبد حتى يقتلوا به سيده، وإذا قتلت المرأة من غيرهم رجلا لم يرضوا من دم صاحبهم بالمرأة القاتلة، حتى يقتلوا رجلا من رهط المرأة وعشيرتها، فأنزل الله هذه الآية، فأعلمهم أن الذي فرض لهم من القصاص أن يقتلوا بالرجل الرجل القاتل دون غيره، وبالأنثى الأنثى القاتلة دون غيرها من الرجال، وبالعبد العبد