بقوله: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس فجعل جميعهم قود بعضهم ببعض. ذكر من قال ذلك:
2119 - حدثنا المثنى قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: والأنثى بالأنثى وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة، ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة، فأنزل الله تعالى: النفس بالنفس فجعل الأحرار في القصاص، سواء فيما بينهم في العمد رجالهم ونساؤهم في النفس وما دون النفس، وجعل العبيد مستوين فيما بينهم في العمد في النفس وما دون النفس، رجالهم ونساؤهم.
فإذ كان مختلفا الاختلاف الذي وصفت فيما نزلت فيه هذه الآية، فالواجب علينا استعمالها فيما دلت عليه من الحكم بالخبر القاطع العذر. وقد تظاهرت الاخبار عن رسول الله (ص) بالنقل العام أن نفس الرجل الحر قود قصاصا بنفس المرأة الحرة، فإذ كان ذلك كذلك، وكانت الأمة مختلفة في التراجع بفضل ما بين دية الرجل والمرأة على ما قد بينا من قول علي وغيره وكان واضحا فساد قول من قال بالقصاص في ذلك والتراجع بفضل ما بين الديتين بإجماع جميع أهل الاسلام على أن حراما على الرجل أن يتلف من جسده عضوا بعوض يأخذه على إتلافه فدع جميعه، وعلى أن حراما على غيره إتلاف شئ منه مثل الذي حرم من ذلك بعوض يعطيه عليه، فالواجب أن تكون نفس الرجل الحر بنفس المرأة الحرة قودا. وإذا كان ذلك كذلك كان بينا بذلك أنه لم يرد بقوله تعالى ذكره: الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى أن لا يقاد العبد بالحر، وأن لا تقتل الأنثى بالذكر، ولا الذكر بالأنثى. وإذا كان ذلك كذلك كان بينا أن الآية معني بها أحد المعنيين الآخرين: إما قولنا من أن لا يتعدى بالقصاص إلى غير القاتل والجاني، فيؤخذ بالأنثى الذكر، وبالعبد الحر.
وإما القول الآخر وهو أن تكون الآية نزلت في قوم بأعيانهم خاصة أمر النبي (ص) أن يجعل ديات قتلاهم قصاصا بعضها من بعض، كما قاله السدي ومن ذكرنا قوله. وقد أجمع الجميع لا خلاف بينهم على أن المقاصة في الحقوق غير واجبة، وأجمعوا على أن الله لم يقض في ذلك قضاء ثم نسخه وإذا كان كذلك، وكان قوله تعالى ذكره كتب عليكم القصاص ينبئ عن أنه فرض كان معلوما أن القول خلاف ما قاله قائل هذه المقالة، لان ما