أسماء أفعال، فتكون البأساء اسما للبؤس، والضراء اسما للضر. وأما الصابرين فنصب، وهو من نعت من على وجه المدح، لان من شأن العرب إذا تطاولت صفة الواحد الاعتراض بالمدح والذم بالنصب أحيانا وبالرفع أحيانا، كما قال الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم وذا الرأي حين تغم الأمور * بذات الصليل وذات اللجم فنصب ليث الكتيبة وذا الرأي على المدح، والاسم قبلهما مخفوض لأنه من صفة واحد. ومنه قول الآخر:
فليت التي فيها النجوم تواضعت * على كل غث منهم وسمين غيوث الورى في كل محل وأزمة * أسود الشرى يحمين كل عرين وقد زعم بعضهم أن قوله: والصابرين في البأساء نصب عطفا على السائلين، كأن معنى الكلام كان عنده: وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين والصابرين في البأساء والضراء. وظاهر كتاب الله يدل على خطأ هذا القول، وذلك أن الصابرين في البأساء والضراء هم أهل الزمانة في الأبدان وأهل الاقتار في الأموال، وقد مضى وصف القوم بإيتاء من كان ذلك صفته المال في قوله: والمساكين وابن السبيل والسائلين وأهل الفاقة والفقر هم أهل البأساء والضراء، لان من لم يكن من أهل الضراء ذا بأساء لم يكن ممن له قبول الصدقة، وإنما له قبولها إذا كان جامعا إلى ضرائه بأساء، وإذا جمع إليها بأساء كان من أهل المسكنة الذين قد دخلوا في جملة المساكين الذين قد مضى ذكرهم قبل قوله: والصابرين في البأساء. وإذا كان كذلك ثم نصب الصابرين في البأساء بقوله: وآتى المال على حبه كان الكلام تكريرا بغير فائدة معنى، كأنه قيل: وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين، والله يتعالى عن أن يكون