والسيول والأمطار وما إلى ذلك.. وهي درس من قسوة الحياة وصرخة مدوية فيها..
وهذا لا يعني أن يعرض الإنسان عن الهبات الإلهية في هذا العالم أو يمتنع من الاستفادة منها، ولكن المهم ألا يصبح أسيرا فيها، وألا يجعلها هي الهدف والنقطة المركزية في حياته.
والجدير بالملاحظة هنا أن القرآن الكريم استعمل لفظ (فاتكم) للدلالة على ما فقده الإنسان من أشياء، أما ما يخص الهبات والنعم التي حصل عليها فإنه ينسبها لله، (بما آتاكم)، وحيث أن الفوت والفناء يكمن في ذات الأشياء، وهذا الوجود هو من الفيض الإلهي.
نعم، إن هذه المصائب تكسر حدة الغرور والتفاخر وحيث يقول سبحانه في نهاية الآية: إن الله لا يحب كل مختال فخور.
" مختال " من مادة (خيال) بمعنى متكبر، لأن التكبر من التخيل، أي من تخيل الإنسان الفضل لنفسه، وتصوره أنه أعلى من الآخرين. و (فخور) صيغة مبالغة من مادة (فخر) بمعنى الشخص الذي يفتخر كثيرا على الآخرين.
والشخص الوحيد الذي يبتلى بهذه الحالات هو المغرور الذي أسكرته النعم، وهذه المصائب والآفات بإمكانها أن توقظه عن هذا السكر والغفلة وتهديه إلى سير التكامل.
ومن ملاحظة ما تقدم أعلاه فإن المؤمنين عندما يرزقون النعم من قبل الله سبحانه فإنهم يعتبرون أنفسهم مؤتمنين عليها، ولا يأسفون على فقدانها وفواتها، ولا يغفلون ويسكرون بوجودها. إذ يعتبرون أنفسهم كالأشخاص المسؤولين عن بيت المال إذ يستلمون في يوم أموالا كثيرة ويدفعونها في اليوم الثاني، وعندئذ لا يفرحون بلستلامها، ولا يحزنون على إعطائها.
وكم هو تعبير رائع ما قاله أمير المؤمنين (عليه السلام) حول هذه الآية: " الزهد كله بين