والهدف الآخر كسر الأغلال والقيود التي أسرت الإنسان، كما قال تعالى:
ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم (1).
والهدف الثالث إكمال القيم الأخلاقية، كما جاء في الحديث المشهور: " بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " (2).
والهدف الرابع إقامة القسط والعدل، الذي أشير إليه في الآية مورد البحث.
وبهذا الترتيب نستطيع تلخيص بعثة الأنبياء في الأهداف التالية: (الثقافية، الأخلاقية، السياسية، الاجتماعية).
ومن الواضح أن المقصود من الرسل في الآية مورد البحث، وبقرينة إنزال الكتب، هم الأنبياء أولي العزم ومن يمثلهم.
ومما يجدر ذكره أن المقصود من التعبير القرآني: ليقوم الناس بالقسط أي أن يتحرك الناس أنفسهم لتحقيق القسط، وليس المقصود أن يلزم الأنبياء على إقامة القسط، ولهذا يمكن القول بأنه المراد من الآية وهدفها هو أن يعمل الناس بمفاهيم القسط ويتحركوا لتطبيقها.
والمهم أن يتربى الناس على العدل والقسط بحيث يصبحون واعين له داعين إليه، منفذين لبرامجه وسائرين في هذا الاتجاه بأنفسهم.
ثم إن أي مجتمع إنساني مهما كان مستواه الأخلاقي والاجتماعي والعقائدي والروحي عاليا، فإن ذلك لا يمنع من وجود أشخاص يسلكون طريق العتو والطغيان، ويقفون في طريق القسط والعدل، واستمرارا لمنهج الآية هذه يقول سبحانه: وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس.
نعم، إن هذه الأسلحة الثلاثة التي وضعت تحت تصرف الأنبياء هي بهدف أن تكون الأفكار والمفاهيم التي جاء بها الأنبياء فاعلة ومؤثرة، وتحقق أهدافها