والمقصود من " اللوح المحفوظ " هو: العلم اللا متناهي لله سبحانه، أو صحيفة عالم الخلقة ونظام العلة والمعلول، والتي هي مصداق العلم الفعلي لله سبحانه " فتدبر ".
ولنلاحظ الآن ما هي فلسفة تقدير المصائب في اللوح المحفوظ، ومن ثم بيان هذه الحقيقة في القرآن الكريم؟
الآية اللاحقة تزيح هذا الحجاب عن هذا السر المهم حيث يقول تعالى:
لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم.
هاتان الجملتان القصيرتان تحلان - في الحقيقة - إحدى المسائل المعقدة لفلسفة الخلقة، لأن الإنسان يواجه دائما مشاكل وصعوبات وحوادث مؤسفة في عالم الوجود، ويسأل دائما نفسه هذا السؤال وهو: رغم أن الله رحمن رحيم وكريم..، فلماذا هذه الحوادث المؤلمة؟!
ويجيب سبحانه أن هدف ذلك هو: ألا تأسركم مغريات هذه الدنيا وتنشدوا إليها وتغفلوا عن أمر الآخرة.. كما ورد في الآية أعلاه.
والمطلوب أن تتعاملوا مع هذا المعبر والجسر الذي اسمه الدنيا بشكل لا تستولي على لباب قلوبكم، وتفقدوا معها شخصيتكم وكيانكم وتحسبون أنها خالدة وباقية، حيث إن هذا الانشداد هو أكبر عدو لسعادتكم الحقيقية، حيث يجعلكم في غفلة عن ذكر الله ويمنعكم من مسيرة التكامل.
هذه المصائب هي إنذار للغافلين وسوط على الأرواح التي تعيش الغفلة والسبات، ودلالة على قصر عمر الدنيا وعدم خلودها وبقائها.
والحقيقة أن المظاهر البراقة لدار الغرور تبهر الإنسان وتلهيه بسرعة عن ذكر الحق سبحانه، وقد يستيقظ فجأة ويرى أن الوقت قد فات وقد تخلف عن الركب.
هذه الحوادث كانت ولا تزال في الحياة، وستبقى بالرغم من التقدم العلمي العظيم، ولن يستطيع العلم أن يمنع حدوثها ونتائجها المؤلمة، كالزلازل والطوفان