ونقرأ في هذا الصدد القصة التالية: عندما أدخل الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) مغلولا مكبلا في مجلس يزيد بن معاوية، فالتفت يزيد إلى الإمام، وقرأ آية سورة الشورى: ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم وكان يريد أن يظهر أن مصائبكم كانت نتيجة أعمالكم، وبهذا أراد الطعن بالإمام (عليه السلام) بهذا الكلام، إلا أن الإمام رد عليه فورا وقال: كلا، ما نزلت هذه فينا، إنما نزلت فينا: ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها (1).
ولنا بحث مفصل في هذا المجال في تفسير الآية رقم 30 من سورة الشورى (2).
أتباع أهل البيت أيضا عرفوا نفس المعنى، في هذه الآية، إذ نقل أن الحجاج عندما جئ له بسعيد بن جبير وصمم على قتله، بكى رجل من الحاضرين. قال سعيد: وما يبكيك؟ فأجاب: للمصاب الذي حل بك، قال: لا تبك فقد كان في علم الله أن يكون ذلك، ألم تسمع قوله تعالى: ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها (3).
ومن الطبيعي أن كل الحوادث التي تحدث في هذا العالم مسجلة في لوح محفوظ وفي علم الله عز وجل اللا محدود، وإذا أشرنا هنا إلى المصائب التي تقع في الأرض وفي الأنفس فقط، فلأن موضوع الحديث بهذا الاتجاه، كما سنرى في الآية اللاحقة التي يستنتج منها الموضوع نفسه.
وبالضمن فإن جملة: إن ذلك على الله يسير تشير إلى تسجيل وحفظ كل هذه الحوادث في لوح محفوظ مع كثرتها البالغة، وذلك سهل يسير على الله تعالى.