بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط.
" البينات " هي الدلائل الواضحة، ولها معنى واسع يشمل المعجزات والدلائل العقلية التي تسلح بها الأنبياء والرسل الإلهيون.
المقصود من (كتاب) هو نفس الكتب السماوية، ولأن روح وحقيقة الجميع شئ واحد، لذا فإن التعبير ب (كتاب) جاء بصيغة مفرد.
وأما " الميزان " فيعني وسيلة للوزن والقياس، ومصداقها الحسي هو الميزان الذي يقاس به وزن البضائع، ومن الواضح أن المقصود هو المصداق المعنوي، أي الشئ الذي نستطيع أن نقيس به كل أعمال الإنسان، وهي الأحكام والقوانين الإلهية أو الأفكار والمفاهيم الربانية، أو جميع هذه الأمور التي هي معيار لقياس الأعمال الصالحة والسيئة.
وبهذه الصورة فإن الأنبياء كانوا مسلحين بثلاث وسائل وهي: " الدلائل الواضحة "، و " الكتب السماوية "، و " معيار قياس الحق من الباطل " والجيد من الردئ. ولا يوجد مانع من أن يكون القرآن (بينة) أي معجزة، وهو كذلك كتاب سماوي ومبين للأحكام والقوانين، أي أن الأبعاد الثلاثة تصب في محتوى واحد وهي موجودة في القرآن الكريم.
وعلى كل حال، فإن الهدف من تعبئة هؤلاء الرجال العظام بهذه الأسلحة الأساسية، هو إقامة القسط والعدل.
وفي الحقيقة أن هذه الآية تشير إلى أحد الأهداف العديدة لإرسال الرسل، لأننا نعلم أن بعث الأنبياء وسعيهم كان من أجل أهداف عدة:
منها: التعليم والتربية، كما جاء في الآية التالية: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة... (1).