وعلى كل حال فالتعبير ب (عرض) هنا ليس في مقابل (الطول) كما قال بعض المفسرين حيث كانوا يبحثون عن طول تلك الجنة التي عرضها مثل السماء والأرض، ولهذا السبب فإنهم واجهوا صعوبة في توجيه ذلك، حيث إن العرض في مثل هذه الاستعمالات بمعنى " السعة ".
والتعبير ب " المغفرة " قبل البشارة بالجنة - الذي ورد في الآيتين - هو إشارة لطيفة إلى أنه ليس من اللائق الدخول إلى الجنة والقرب من الله قبل المغفرة والتطهير.
ومما ينبغي ملاحظته أن المسارعة لمغفرة الله لابد أن تكون عن طريق أسبابها كالتوبة والتعويض عن الطاعات الفائتة، وأساسا فان طاعة الله عز وجل يعني تجنب المعاصي، ولكننا نجد في بعض الأحاديث تأكيد على القيام بالواجبات وبعض المستحبات كالتقدم للصف الأول في الجماعة، أو الصف الأول في الجهاد، أو تكبيرة الإحرام مع إمام الجماعة، أو الصلاة في أول وقتها، فهذه من قبيل بيان المصداق ولا يقلل شيئا من المفهوم الواسع للآية.
ويضيف تعالى في نهاية الآية: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
ومن المؤكد أن جنة بذلك الإتساع وبهذه النعم، ليس من السهل للإنسان أن يصل إليها بأعماله المحدودة، لذا فإن الفضل واللطف والرحمة الإلهية - فقط - هي التي تستطيع أن تمنحه ذلك الجزاء العظيم في مقابل اليسير من أعماله، إذ أن الجزاء الإلهي لا يكون دائما بمقياس العمل، بل إنه بمقياس الكرم الإلهي.
وعلى كل حال فإن هذا التعبير يرينا بوضوح أن الثواب والجزاء لا يتناسب مع طبيعة العمل، حيث أنه نوع من التفضل والرحمة.
ولمزيد من التأكيد على عدم التعلق بالدنيا، وعدم الفرح والغرور عند إقبالها، أو الحزن عند إدبارها، يضيف سبحانه: ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في