تحت رعايته، وذلك يعني أن فيض وجوده يصل كل لحظة إلى مخلوقاته، فإنه سبحانه لم يخلقهم ليتركهم بدون رعاية. وفي الأصل فإن جميع الممكنات مرتبطة دائما بوجوده تعالى، وإذا ما فقدت تعلقها بذاته المقدسة لحظة واحدة فإنها ستسلك طريق الفناء، إن الانتباه وإدراك طبيعة هذه العلاقة القائمة والخلقة والأواصر الثابتة، هي أفضل دليل على علم الله بأسرار جميع الموجودات في كل زمان ومكان.
" اللطيف " مأخوذ في الأصل من (اللطف) ويعني كل موضوع دقيق وظريف، وكل حركة سريعة وجسم لطيف، وبناء على هذا فإن وصف الله تعالى ب (اللطيف) إشارة إلى علمه عز وجل بالأسرار الدقيقة للخلق، كما جاءت أحيانا بمعنى خلق الأجسام اللطيفة والصغيرة والمجهرية وما فوق المجهرية.
إن جميع ما ذكر سابقا إشارة إلى أن الله اللطيف عارف ومطلع على جميع النوايا القلبية الخفية، وكذلك أحاديث السر، والأعمال القبيحة التي تنجز في الخفاء والخلوة.. فهو تعالى يعلم بها جميعا.
قال بعض المفسرين في تفسير (اللطيف): (هو الذي يكلف باليسير ويعطي الكثير).
وفي الحقيقة فإن هذا نوع من الدقة في الرحمة.
وقال البعض أيضا: إن وصفه تعالى ب (اللطيف) بلحاظ نفوذه سبحانه في أعماق كل شئ، ولا يوجد مكان خال منه تعالى في العالم أجمع، فهو في كل مكان وكل شئ.
إن جميع هذه الأمور ترجع إلى حقيقة واحدة، وهي التأكيد على عمق معرفة الله سبحانه وعلمه بالأسرار الظاهرة والباطنة لجميع ما في الوجود * * *