والحسنات، وقد صانه الله العزيز القدير من عواقب كل خطأ يحتمل أن يقع فيه أي زعيم، لكي يبعد الأمة الإسلامية عن الحيرة في قضية إطاعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وليجنبها التناقض بين فعلي الطاعة وعدمها، نعم لقد عصم الله نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) من كل خطأ، لكي يضمن له ثقة المسلمين الكاملة به، حيث تعتبر هذه الثقة من أولويات شروط الزعامة الإلهية.
وقد ورد في آخر الآية دليل من الأدلة الأساسية لقضية العصمة بشكل مجمل، وهذا الدليل هو قوله تعالى أنه علم نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) من العلوم والمعارف التي يكون النبي في ظلها مصونا من الوقوع في أي خطأ أو زلل، ولأن العلم والمعرفة تكون نتيجتهما في المرحلة النهائية حفظ الإنسان من ارتكاب الخطأ.
فالطبيب - مثلا - لا يقدم أبدا على شرب ماء ملوث بأنواع الجراثيم الفتاكة، بعد أن أجرى عليه الفحوصات المختبرية واكتشف تلوثه بتلك الجراثيم الخطيرة.
نستنتج من هذا المثل أن علم الطب الذي تعلمه هذا الطبيب، هو السبب في حفظه ومنعه من شرب الماء الملوث بالجراثيم القاتلة، فقد وفر هذا العلم العصمة والمصونة للطبيب حيال ارتكاب مثل هذا الخطأ، لكن الإنسان الذي يجهل خطورة ذلك الماء يحتمل كثيرا أن يقدم على شربه.
وهكذا يتبين أن مصدر الكثير من الأخطاء هو الجهل بمقدمات العمل أو مستلزماته أو عواقبه، لذلك فإن من يحاط عن طريق الوحي الإلهي إحاطة كاملة بالقضايا المختلفة ومقدماتها ومستلزماتها وعواقبها لن يقع في خطأ، ولن يرتكب أي زلل أبدا، ولن يضل الطريق، ولن يمارس ذنبا مطلقا.
ويجب أن لا نقع في الوهم هنا، فإن هذا العلم الذي بحوزة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من جانب الله سبحانه وتعالى ليس عملا مفروضا ولا يحمل طابع القسر والإجبار، أي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس مجبورا أبدا على أن يعمل بعلمه، بل أنه يمارس عمله بكامل اختياره، فكما أن الطبيب الذي ذكرناه في مثلنا السابق مع علمه بحالة