والطعن في الدين الحق، والشريعة الحقة: ليا بألسنتهم وطعنا في الدين.
(واللي على وزن الحي بمعنى الفتل، مثل فتل الحبل وما شابهه، ويأتي أيضا بمعنى التغيير والتحريف).
ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم أي أنهم إن سلكوا الطريق المستقيم وتركوا كل ذلك اللجاج والعناد، ومعاداة الحق، وسوء الأدب، والجرأة والقحة وقالوا: سمعنا كلام الله وأطعنا، فاستمع إلى كلامنا وأمهلنا لكي ندرك الحقائق إدراكا كاملا، لكان ذلك من مصلحتهم، وكان في ذلك منفعتهم، وأكثر انسجاما وتوافقا مع العدل والمنطق والعدل والأدب.
ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا.
أي أنهم لن يتخلوا عن هذا السلوك الشائن بسرعة، كيف؟ وقد ابتعدوا عن رحمة الله بسبب ما هم عليه من كفر وتمرد وطغيان، وماتت أفئدتهم وتحجرت بحيث صار من المتعذر أن تخضع للحق، وأن تحيا من رقدتها بهذه السرعة، اللهم إلا بعضهم ممن يمتلك فؤادا طاهرا وعقلا يقظا، فهؤلاء هم المستعدون للقبول بالحقائق، والاستماع إلى نداء الحق والإيمان به.
وقد اعتبر جماعة هذه الجملة من مغيبات القرآن وإخباراته الغيبية، لأنه - كما يخبر القرآن الكريم في هذه الآية - لم يؤمن من اليهود طوال التاريخ الإسلامي ولم يذعن للحق الا جماعة قليله، وأما غيرهم - وهم الأكثرية الساحقة - فقد بقوا - وإلى الآن - على عدائهم الشديد، وخصومتهم للإسلام، ولم يزالوا يكيدون له المكائد، ويحيكون ضده المؤامرات.
* * *