الحكم المذكور (أي الجلد)، أما الإماء اللاتي لم يتعرضن للضغط والإجبار، ويمكنهن أن يعشن عفيفات نقيات، فإنهن إذا أتين بالفاحشة عوقبن كما تعاقب الحرائر وإن كانت عقوبة هذا النوع من الإماء على النصف من حد الحرائر في الزنا.
ثم قال سبحانه معقبا على الحكم السابق: ذلك لمن خشي العنت منكم و " العنت " (على وزن سند) يقال في الأصل للعظم المجبور - بعد الكسر - إذا أصابه ألم وكسر آخر فهضه قد أعنته، لأن هذا النوع من الكسر مؤلم جدا، ولهذا يستعمل في المشاكل الباهظة والأعمال المؤلمة.
ويقصد الكتاب العزيز من العبارة الحاضرة أن الزواج بالإماء إنما يجوز لمن يعاني من ضغط شديد بسبب شدة غلبة الغريزة الجنسية عليه ولم يكن قادرا على التزوج بالحرائر من النساء، وعلى هذا الأساس لا يجوز الزواج بالإماء لغير هذه الطائفة.
ويمكن أن تكون فلسفة هذا الحكم في أن الإماء خاصة في تلك العهود لم يحظين بتربية جيدة، ولهذا كن يعانين من نواقص خلقية ونفسية وعاطفية، ومن الطبيعي أن يتخذ الأطفال المتولدون من هذا الزواج صفة الأمهات ويكتسبوا خصوصياتهن الخلقية، ولهذا السبب طرح الإسلام طريقة دقيقة لتحرير العبيد تدريجا حتى لا يبتلوا بهذا المصير السئ، وفي نفس الوقت فسح للأرقاء أنفسهم أن يتزوجوا فيما بينهم.
نعم، هذا الموضوع لا يتنافى مع وضع بعض الإماء اللائي حظين بوضع استثنائي وخاص من الناحية الخلقية والتربوية، فالحكم المذكور أعلاه يرتبط بأغلبية الإماء، وكون بعض أمهات الأئمة، من أهل البيت النبوي (عليهم السلام) من الإماء هو من هذه الجهة، ولكن لابد من الانتباه إلى أن ما قيل في مجال الإماء من