قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا فهي تخبر المسلمين - إذا عزموا على تطليق الزوجة واختيار زوجة أخرى - أنه لا يحق لهم أبدا أن يبخسوا من صداق الزوجة الأولى شيئا أو يستردوا شيئا من الصداق إذا كانوا قد سلموه إلى الزوجة مهما كان مقداره كثيرا وثقيلا، والذي عبر عنه في الآية بالقنطار، والقنطار - كما سبق يعني المال الكثير وقد جاء في المفردات للراغب: أن القنطار جمع القنطرة، والقنطرة من المال ما فيه عبور الحياة تشبيها بالقنطرة (1).
لأن المفروض أن تطليق الزوجة الأولى - هنا - يتم لأجل مصلحة الزوج، وليس لأجل انحراف الزوجة عن جادة العفاف والطهر، ولهذا لا معنى لأن تهمل حقوقها القطعية.
ثم إن الآية تشير في مقطعها الأخير إلى الأسلوب السائد في العهد الجاهلي حيث كان الرجل يتهم زوجته بالخيانة الزوجية لحبس الصداق عنها، إذ تقول في استفهام إنكاري: أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا أي هل تأخذون صداق الزوجة عن طريق بهتهن، واتهامهن بالفاحشة، وهو إثم واضح ومعصية بينة، وهذا يعني أن أصل حبس الصداق عن الزوجة ظلم ومعصية، والتوسل لذلك بمثل هذه الوسيلة الأثيمة معصية أخرى واضحة، وظلم آخر بين.
ثم أضاف سبحانه - في الآية الثانية من الآيتين الحاضرتين - وضمن استفهام إنكاري بهدف تحريك العواطف الإنسانية لدى الرجال بأنه كيف يحق لكم ذلك، وقد عشتم مع الزوجة الأولى زمنا طويلا، وكانت لكم معهن حياة مشتركة، واختليتم بهن واستمتع كل واحد منكما بالآخر كما لو كنتما روحا واحدة في جسمين، أفبعد ما كانت بينكما هذه العلاقة الزوجية الحميمة يحق لكم - أيها الأزواج - أن تبخسوا حق الزوجة الأولى؟ وقد لخص سبحانه كل هذه بقوله: