وقوله تعالى (فاكتبوه) ظاهره الامر بالكتابة، واختلفوا في مقتضاه: فقال أبو سعيد الخدري والشعبي والحسن هو مندوب إليه، وقال الربيع وكعب هو فرض والأول أصح لاجماع أهل عصرنا عليه، ولقوله تعالى (فان أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته)، ومفهومه فان أمنه فيما له أن يأمنه.
وقال الأكثرون حكم الآية في كل دين من سلم أو غيره أو تأخير ثمن في بيع، وهو الأقوى لأنه العموم. فأما القرض فلا مدخل له فيه، لأنه لا يكون مؤجلا، والقرض فيه ثواب جزيل وهو أفضل من الصدقة.
(فصل) ثم قال تعالى (وليكتب بينكم كاتب بالعدل) أي كاتب مأمون على ما يكتبه يكتب بالسوية والاحتياط، لا يزيد على ما يجب أن يكتب ولا ينقص، فقوله (بالعدل) متعلق بكاتب صفة له.
وقيد أن يكون الكاتب فقيها عالما بالشروط حتى يجئ مكتوبه معدلا بالشرع، وهو أمر للمبتدئين بتخير الكاتب وان لا يستكتبوا الا فقيها دينا، ولا يمتنع أحد من الكتاب أن يكتب كتابة الوثائق ولا يغير ولا يبدل.
وذكرنا كراهية الدين الا عند الضرورة.
ومن لا يملك شيئا يقضى به دينه فليقبل الصدقة ولا يتعرض للدين، لان الصدقة حق جعلها الله له في الأموال.
وفى هذه الآية أحد وعشرون حكما: (إذا تداينتم) حكم (فاكتبوه) حكم، (وليكتب بينكم) حكم، (بالعدل) حكم، (ولا يأب كاتب) حكم، (وليملل) حكم، (ولا يبخس) حكم، (فإن كان الذي عليه الحق سفيها) حكم، (أو ضعيفا) حكم، (أولا يستطيع) حكم، (فليملل وليه) حكم (بالعدل) حكم واستشهدوا)