وفيها دلالة واضحة على أن الصوم لا يثبت بعدد الجدوليين وانه يثبت بالهلال، لان عددهم لو كان مراعى لما أحيل في مواقيت الناس في الحج على ذلك بل أحيل على العدد.
والميقات منتهى الوقت. والآخرة منتهى الخلق. والاهلال ميقات الشهر.
(فصل) ومن قال: ان قوله تعالى (ولتكملوا العدة) يدل على أن شهر رمضان لا ينقص أبدا. فقد أبعد من وجهين: أحدهما لان قوله (ولتكملوا العدة) معناه ولتكملوا عدة الشهر، سواء كان الشهر تاما أو ناقصا، أعني ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين يوما. والثاني أن ذلك راجع إلى القضاء، لأنه قال عقيب ذكر السفر والمرض (فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة) يعني عدة ما فاته، وهذا بين.
فالهلال علامة الشهر وبه وجبت العبادة في الصيام والافطار والحج وسائر ما يتعلق بالشهور على أهل الشرع، وربما خفي لعارض أو استبين أهل مصر لعلة وظهر لأهل غير ذلك المصر، ولكن الغرض انما تعلق على العبادة، إذ هو العلم دون غيره بما قدمناه من آي القرآن.
فان قيل: أي تعلق لقوله تعالى ﴿وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها﴾ (1) بسؤال قدم عن الأهلة.
قلنا: لأنه لما بين ما فيه من وجه الحكمة اقتضى لتعملوا على أمور متعددة ولتجروا أموركم على استقامة، فإنما البر أن تتبعوا أمر الله، وان تأتوا البيوت من أبوابها، أي ائتوا البر من وجهه الذي أمر الله به ورغب فيه. وهذا عام في كل شئ حتى في الصوم والافطار، فإنه يجب أن لا يصام فرضا من عند رؤية هلال شعبان