(فصل) ويدل عليه أيضا قوله تعالى (وينزل عليكم من السماء ماءا ليطهركم به (1))، فكل ما وقع عليه اسم الماء المطلق يجب أن يكون مطهرا بظاهر اللفظ الا ما خرج بالدليل.
وقوله (ماءا) يعني مطهرا وغيثا.
وقوله (ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان (2)). قال ابن عباس: معناه يذهب عنكم وسوسة الشيطان (3)، فان الكفار غلبوكم على الماء حتى تصلوا أنتم مجنبون، وذلك أن يوم بدر وسوس الشيطان إلى المسلمين وكان الكفار نزلوا على الماء، فقال لعنه الله: تزعمون أيها المسلمون انكم على دين الله وأنتم على غير الماء وعدوكم على الماء. فأرسل الله عليهم المطر فشربوا واغتسلوا وأذهب به وسوسة الشيطان، وكانوا على رمل تغوص فيه الاقدام، فشده المطر حتى ثبتت عليه الأرجل وهو قوله (ويثبت به الاقدام) (4). والهاء في (به) راجعة إلى الماء (5).
وقد أطبق المفسرون على أن (رجز الشيطان) في الآية المراد به اثر الاحتلام فان المسلمين كان أكثرهم احتلموا ليلتهم، فأنزل الله المطر وطهرهم به.
والتطهير لا يطلق في الشرع الا بإزالة النجاسة أو غسل الأعضاء الأربعة، وقد أطلق الله عليه اسم التطهير. وقال الجبائي: انما ذكر (الرجز) وكنى به عن الاحتلام لأنه بوسوسة الشيطان.