(فصل) قول (وامسحوا برؤوسكم) جملة فعلية معطوفة على الجملة المتقدمة، وهي تقتضي الايجاب حيث تقتضيه الأولى وتتناول الندب حيث تتناوله الأولى، ولا فرق بين المقتضيين في الجملتين على حال لمكان الواو العاطفة.
وكذلك يجب أن يكون حكم (أرجلكم) حكم (رؤوسكم) لمكان واو العاطفة أيضا، سواء كان عطفا على اللفظ أو على المحل، لان جميع ذلك اسم لشئ واحد، وهو الوضوء، فان اقتصر على بعضها اختيارا فلا وضوء.
فإذا ثبت ذلك فاعلم أنهم اختلفوا في صفة المسح:
فقال قوم: يمسح منه ما يقع عليه اسم المسح، وهو مذهبنا، وبه قال عبد الله ابن عمر والقاسم بن محمد والشافعي.
وقال مالك: يجب مسح جميع الرأس.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز مسح الرأس بأقل من ثلاثة أصابع، وهذا عندنا على الاستحباب.
ولا يجوز المسح عندنا الا على مقدم الرأس، وهو المروي عن ابن عمر والقاسم بن محمد والطبري، ولم يعتبره أحد من الفقهاء وقالوا: أي موضع مسح أجزأه.
وانما اعتبرنا المسح ببعض [الرأس] (1) - فضلا على النص من آل محمد عليه وعليهم السلام - (2) لدخول الباء الموجبة للتبعيض، لان دخولها في الاثبات في الموضع الذي يتعدى الفعل فيه بنفسه لا وجه له غير التبعيض، والا لكان لغوا. وحملها على الزيادة لا يجوز مع امكانها على فائدة مجددة.