اليهود كلهم نصارى ابدا، كما لا يتبع جميعهم الاسلام.
(فصل) ثم قال تعالى (وان فريقا منهم ليكتمون الحق) كتموا أمر القبلة وهم يعلمون صحة ما كتموه، وما لمن دفع الحق من العذاب.
والهاء في (يعرفونه) عائدة على أمر القبلة في قول ابن عباس. وقال الزجاج هي عائدة على أنهم يعرفون حق النبي عليه السلام وصحة أمره.
وانما قال (وان فريقا منهم ليكتمون الحق) وفي أول الآية قال (يعرفونه) على العموم، لان أهل الكتاب منهم من أسلم وأقر بما عرف فلم يدخل في جملة الكاتمين كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار وغيرهما ممن دخل الاسلام.
فان قيل: كيف قال (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) وهم لا يعرفون في الحقيقة أن أبناءهم أبناؤهم ويعرفون أن محمدا هو النبي المبعوث المبشر به في الحقيقة.
قلنا: التشبيه وقع بين المعرفة بالابن في الحكم، وهي معرفة تميزه بها من غيره، وبين المعرفة بأنه هو النبي المبشر به في الحقيقة، فوقع التشبيه بين معرفتين إحداهما أظهر من الأخرى، فكل من ربي ولدا كثيرا ورآهم سنين وسمى هذا أحمدا وذا محمدا وذا عليا وذا حسنا وذا حسينا فإنه يميز بينهم بحيث لا يلتبس عليه ذلك بحال.
(فصل) وقوله (ولكل وجهة هو موليها).
فيه أقوال: أحدها ان لكل أهل ملة من اليهود والنصارى وجهة. وثانيها ان لكل نبي وجهة واحدة وهي الاسلام وان اختلفت الاحكام كما قال (لكل جعلنا منكم