وقيل: ان الله جعل هذا الحكم للمحارب بالاستثناء بقوله (فاعلموا أن الله غفور رحيم)، ولم يكن غير المحارب في معناه فيقاس عليه، لان ظاهر هذا التفرد، وليس كذلك هو في المحارب الممتنع نفيه.
ثم قال (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) أي ما يتقرب به إلى الله ﴿وجاهدوا في سبيل الله﴾ (١) أي جاهدوا أعداءكم في وقت الحاجة إليه وجاهدوا أنفسكم في كل وقت.
أما قوله تعالى (ويسعون في الأرض فسادا) أي مفسدين، لان سعيهم في الأرض لما كان على طريق الفساد نزل منزلة ويفسدون في الأرض، فانتصب (فسادا) على المصدر حالا أو مفعولا له.
وقيل النفي أن ينفى من بلده، وكانوا ينفونهم إلى بلد في أقصى تهامة يقال له (دهلك) والى (ناصع) وهو من بلاد الحبشة. ومن قال إن النفي من بلد إلى بلد اي لا يزال يطلب وهو هارب فزعا.
وقوله (الا الذين) استثناء من المعاقبين عقاب قطع الطريق خاصة، وأما حكم القتل والجراح وأخذ المال فإلى الأولياء ان شاؤوا استوفوا.
(باب حكم المرتدين وكيفية حالهم) قال الله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه﴾ (2) الآية.
اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية، والصحيح ما روي عن الباقر والصادق عليهما السلام أنها نزلت في أهل البصرة ومن قاتل عليا عليه السلام (3) والذي يقوي هذا التأويل أن الله وصف من عناه بالآية بأوصاف وجدنا أمير المؤمنين عليه السلام