اخراجها مما يشق على الورثة ويتعاظمهم، فكان أداؤها مظنة للتفريط، بخلاف الدين فان نفوسهم مطمئنة إلى أدائه، فلذلك قدمت على الدين بعثا على وجوبها والمسارعة إلى اخراجها بعد الدين.
وقضاء الدين عند حلول الأجل انما يجب مع المطالبة، فمن مات وعليه دين مؤجل حل أجل ما عليه ولزم ورثته الخروج عما كان عليه من ماله وتركته، وكذلك إن كان له دين (١) مؤجل حل أجل ماله وجاز للورثة المطالبة به في الحال.
ومطل الدين ودفعه مع القدرة ظلم، فمن عليه دين لا ينوي قضاءه كان بمنزلة السارق، وإذا كان عازما على قضائه أعانه الله عليه وكان له بذلك أجر كبير، فان حضرته الوفاة أوصى إلى من يثق به أن يقضي عنه.
وانما قدم الله الوصية على الدين في القرآن في الآيتين في سورة النساء مع وجوب البدءة بالدين ثم بالوصية - على ما أمر به على لسان رسوله - لان أولا يوجب الترتيب لأنه لاحد الشيئين، فكأنه قال من بعد أحد هذين مفردا أو مضموما إلى الاخر، ولان وجوب رد الدين يعلم عقلا، فقدم الله في اللفظ الوصية عليه اشعارا بأنه أيضا واجب، وان اخراج الدين من أصل التركة واخراج الوصية من ثلثها.
على أن الوصية أعم من الدين فحسن تقديمها لفظا، فان الدين يدخل فيها فالمحتضر يوصي بدينه. والغالب من أحوال من يحضره الموت الوصية، والدين لا يكون الا نادرا.
(باب الصلح) وهو من توابع الدين وغيره، فربما يضطر فيه إليه.
قال الله تعالى ﴿فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير﴾ (2).