و (الموعظة الحسنة) التي أن لا تخفي عليهم أنك تناصحهم بها وتقصد ما ينفعهم بها، أي ادعهم بالكتاب الذي هو حكمة وموعظة حسنة، وجادلهم بالطريقة التي فيها اللين والرفق من غير فظاظة ولا تعسف. والداعي هو الامام أو من يأمره هو.
ولا ينصرف من قاتلهم بأمر الإمام الا بعد الظفر أو يفيؤا إلى الحق، ومن رجع عنهم من دون ذلك كان فارا من الزحف، وقد أشار إلى هذا كله رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله: حربك يا علي حربي، وسلمك سلمي. أي حكم حربك حكم حربي.
(باب حكم المحاربين والسيرة فيهم) قال الله تعالى ﴿انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا﴾ (1).
فمعنى (يحاربون الله) أي يحاربون أولياء الله والمؤمنين، لأنه لو كان المراد مقصورا على محاربة رسول الله عليه السلام لكان حكم الآية يسقط بوفاته. واجمع المسلمون على أن هذا الحكم ثابت.
ومعنى (يسعون في الأرض فسادا) يسرعون في الفساد، وأصل السعي سرعة المشي.
والمحارب عندنا هو الذي يشهر السلاح ويخيف السبيل، سواء كان في المصر أو في خارج المصر، فان اللص المجاهر في المصر وغير المصر سواء.
وبه قال الأوزاعي ومالك والليث بن سعيد وابن الهيعة والشافعي والطبري، وقال قوم هو قاطع الطريق في غير المصر، ذهب إليه أبو حنيفة.
ومعنى (يحاربون الله) أي يحاربون أولياء الله ويحاربون رسوله لما ذكرنا